....لعلها خيرا....
يقول عمر رضي الله عنه: "لو عرضت الأقدار على الإنسان لاختار القدر الذي اختاره الله له".
لا يقدر الله شرًا لا خير فيه، فإن حصل لنا أمر مما لا نتمناه فلنقل: "لعله خير أراده الله لنا من حيث لا ندري"،
يقول علقمة في قوله تعالى: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11]: "هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله، فيسلم لها ويرضى".
الانتكاسات هي جزء من الحياة اليومية بمختلف أشكالها؛ مرض، فشل مشروع، غياب عزيز أوقريب.... متى ما حلّت بنا نشعر بالامتعاض ونعيش حالة من النكران والسخط ثم نبدأ رحلة البحث عن دواء لجراحنا وقد نسينا أن البلسم الشافي هو الإيمان بالقضاء بالقدر والخير كله في قوله تعالى: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة من الآية:216].
والرضا بالقضاء والقدر أعظم منزلة من الصبر على الشدائد.
كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال: "أما بعد، فإن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر".
وقد يسأل أحدهم: إذا كان الله يقدِّر الخير للطائعين والشرَّ للعاصين، فلماذا نرى الكثير من المؤمنين الطائعين وقد ابتُلُوا بمصائب مختلفة، كالمرض أو الفقر أو فَقْدِ الولد وغير ذلك، بينما نرى من العاصين من يغرق في النعيم والخيرات؟ والجواب نجده في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «لا يقضي الله للمؤمن من قضاء إلا كان خيراً له، إن أصابته سرَّاءُ شكر وكان خيراً له، وإن أصابته ضرَّاءُ صبر وكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن» (رواه مسلم مرفوعاً)
فالله تعالى إذا أحبَّ عبداً ابتلاه فإذا صبر اجتباه، وكلَّما ازداد صبراً وشكراً ارتقت درجته عند الله.
يقول الإمام الشافعي:
ما شئت كان وإن لم أشأ *** وما شئت إن لم تشأ لم يكن
قصص من الواقع ......
فجهزا للرحيل ووضعا اغراضهما فوق ظهر البعير و انطلقا .
في الطريق تعرض الحمار الى كسر في حافره فقال الاب:( لعله خير انشاء الله ويدفع عنا بلاء عظيم ).
وفي الطريق أيضاً تعرض الاب لجرح في قدمه فقال:( لعله خير).
وهما ذاهبان والولد يحمل أمتعته وأمتعة ابيه تعرض المسكين للسعة أفعى فقال الاب :( لعله خير ويدفع عنا بلاء عظيم ).
فثار الولد غاضبا :( أهناك بلاء اكثر من هذا البلاء ).
عالجه ابوه وجلسا في مكانهما يومين حتى مرت الحمى وطاب الولد واستمرا في طريقهما الى ان وصلا الى المدينة
فوجدوها عبارة عن ارض خراب تعجبا وسألا ما الذي حدت فعلما ان المدينة أصابها زلزال قبل يومين ولم يبقى فيها احد على قيد الحياة
فالتفت الاب الى ولده وقال:( اعلمت الان ان ما حدث لنا كان خيرا )
.... وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم ....
................................................................................
كان عند الملك وزيراً يتمتّع بحكمة كبيرة،
ويثق أنّ كل ما يقدّره الله للإنسان هو خير،
وفي يوم من الأيام خرج الملك برفقة الوزير لصيد الحيوانات، وكلّما تمكّن الملك من إصابة شيء قال له الوزير (لعلّه خير)،
وأثناء مسيرهما وقع الملك في إحدى الحفر العميقة قال له الوزير (لعلّه خير)،
ثمّ نزف من يد الملك دم كثير، فذهبا إلى الطبيب وأمر بقطع الإصبع حتّى لا يتضرر باقي الجسم بسببه،
فغضب الملك غضباً شديداً ورفض الخضوع لأمر الطبيب، إلّا أنّ اصبعه لم يتوقف عن النزيف مما أجبره على قطع إصبعه،
فقال له الوزير (لعلّه خير)،
فسأل الملك الوزير (وما الخير في ذلك، أتتمنى أن ينقطع اصبعي؟!) وغضب بشدّة وأمر حرّاسه بالقبض على الوزير وحبسه، فقال الوزير (لعلّه خير)، وقضى الوزير فترة طويلة داخل الحبس.
في يوم من الأيام خرج الملك للصيد مصطحباً معه حرّاسه، فوقع في يد جماعة من الأشخاص الذين يعبدون الأصنام،
وقد أخذوه بهدف تقديمه قرباناً للأصنام التي يعبدونها، وعندما عرضوا الملك على قائدهم وجد إصبعه مقطوعاً فأمر بتركه وإعادته من حيث أتى وذلك لأنّ القربان يجب أن يكون صحيحاً بغير علّة،
ثمّ عاد الملك إلى القصر مبتهجاً لنجاته من الموت بأعجوبة، وطلب من الحرّاس أن يحضروا الوزير إليه،
ثمّ أحضروه وروى الملك إليه ما حصل معه،
واعتذر منه عمّا بدر منه،
ثمّ سأله عن سبب قوله (لعلّه خير) عندما أمر الحرّاس بأن يسجنوه،
فأخبره الوزير الحكيم أنّه لو لم يحبسه لكان سيصطحبه معه في الصيد كما يفعل عادة،
وسيكون قرباناً للأصنام بدلاً منه،
وأخبره الوزير أنّ الله عندما يأخذ من الإنسان شيئاً فإنّما يكون ليمتحنه الله ولخير يجهله العبد،

.... لعلها خيرا ....
..........................................